الخيمة

الخيمة هي الوحدة الأساسية المكونة ل( الفزيڭ) مجموعة الخيام التي يجاور بعضها البعض سواء لسبب قرابة أو انتجاع مراعي أو لقرب المياه أو لسبب من الأسباب. وبذلك لا تكون الخيمة وحدة للاستقرار المادي فحسب وإنما تجسد إطارا قويا للعلاقات الاجتماعية والعائلية، فإن قيل: خيمة أهل فلان، تعني أسرتهم الصغيرة أو الكبيرة، وإذا قيل فلان تخيَّم أو استخيم بمعنى تزوج...


 لقد اتخذ الصحراوين منذ القدم من الخيمة مسكنا لهم تأوي إليه الأسر المكونة للفريك الواحد صيفا و شتاء، ومع الانتقال إلى الحياة في  المدينة ظلت الخيمة تراثا ثقافيا عريقا يتحدى بجماله المعمار الحديث ويصعب محوه من الذاكرة.

ويشار إلى أن صناعة الخيمة تأخذ وقتا طويلا قبل أن تبدو على شكلها الحالي.حيث تعمل عشرات النساء المتخصصات في خياطة وتطريز الخيام  وهن يتعرضن لقيظ الشمس الحارقة كل يوم من أجل تغطية النقص الحاصل في تكوين الخيمة خصوصا في فترة الخريف التي يكثر فيها استخدام الخيام لقضاء أوقات الراحة والاستجمام خارج المدينة.


    الخيمة.. حرفة نسائية تشترك فيها الصديقات والجارات

بعد ان كانت الخيمة رمزا لقساوة العيش والعزلة وسط الصحراء، اصبح لها مفهوم جديد في المغرب وأعيد لها الاعتبار، كرمز حضاري وموروث ثقافي يتطلب المحافظة عليه. فإقامة اهل الصحراء في المدن داخل الشقق والفيلات، لم يبعدهم عن حياة البداوة والحنين الى العيش داخل خيمة ولو مثل عطلة نهاية الاسبوع، خصوصا في فصلي الشتاء والربيع بعد ان تنمو النباتات الخضراء على الاراضي القاحلة. الفارق هنا هو ان الخيمة تطورت واصبحت مجهزة بأحدث وسائل الراحة العصرية، ولا تشبه الخيمة الاصلية الا في الشكل. ولم يكتف البعض بقضاء بعض الوقت في الخيمة خلال عطلة نهاية الاسبوع فقد قام البعض بنصب خيامه في حدائق المنازل.

يقول حسن خير، وهو مخرج سينمائي سبق له ان اعد بحثا عن الخيمة لـ«الشرق الاوسط»، ان غالبية سكان الصحراء وبالرغم من اقامتهم في الشقق داخل المدن، تجد لديهم خيمة «مكرسة» أي ملفوفة وجاهزة للاستعمال في أي وقت عندما تقرر الاسرة او العائلة الخروج في نزهة الى الصحراء بالقرب من الوديان القريبة من المدينة.

يقول خير ان الخيمة تصنع من شعر الماعز أو الصوف وتكون سهلة التفكيك، ويبلغ اتساعها المتوسط من أربعة إلى ستة أمتار، ولكن خيمة الرئيس أو أثرياء البدو، قد تصل أحيانا إلى 12 مترا.

ويتم رفع الخيمة بواسطة عمودين «ركايز»، ويشد هذين العمودين بعضهما البعض بحبل، ويتم تثبيت الخيمة على الأرض بواسطة أوتاد تسمى «أخوا لف».

وتبعا للتطور فقد اصبح الصحراوي الذي يذهب للاقامة في الخيمة، لا يأتي على ظهر جمل ويقطع اميالا لجلب الماء، بل يأتي في سيارة رباعية الدفع «كات كات» مجهزة بوسائل الراحة، من افرشة وأوان، وصحون هوائية، ومستخدما الطاقة الشمسية، أي انه يعيش البداوة بأساليب الراحة. الا انه نظرا لثقل وزن الخيمة، اصبح بعض الناس يشترون الخيام المصنوعة من القماش وتسمى «قيطون» الا أنها تجهز من الداخل بنفس طريقة الخيمة التقليدية. ويرى خير، ان المواسم والمهرجانات المقامة في المدن الصحراوية التي تجلب العديد من الزوار والسياح، ساهمت بشكل كبير في احياء مجد الخيمة التقليدية المصنوعة من شعر الماعز التي اصبحت نادرة، مما دفع الناس الى الاهتمام من جديد بخيامهم وترميمها. ويشير خير الى أن عدد خيام موسم طانطان السياحي تصل الى اكثر من الف خيمة.

ويقول الحبيب عيديد لـ«الشرق الاوسط»،ان الحديث عن ثقافة الصحراء يرتكز على ثلاثة اشكال اساسية، المشروب الذي هو الشاي، والمأوى وهي الخيمة، والجمل، وهو الانيس والرفيق، ولحمه وحليبه مصدران اساسيان للغذاء. ويضيف ان الخيمة الصحراوية تتشابه مع الخيمة العربية بصفة عامة، وتختلف عنها من حيث الشكل، اما من حيث المكونات فهي تصنع من وبر الابل او الماعز، وتسمى «الخيمة السوداء»، وهي مكونة من عدة اجزاء، وكل جزء يسمى «فليج»، وهو المكون الاساسي للخيمة، ويختلف طوله وعرضه حسب حجم الخيمة، اطوله 20 مترا وأصغره 10 امتار.

وتقسم الخيمة الى جزءين الاول، خاص بالنساء والآخر خاص بالرجال وهو نفسه المخصص للضيوف.

ويعرف عيديد الخيمة على انها رمز للكرم، فهي ترفع عاليا حتى يراها الضيف من بعيد، وتقوده الى المكان الذي يجد فيه الطعام والمأوى، والحماية، وقد صنعت بهذا الشكل المثلث لمقاومة الرياح، ومنع تسرب مياه الامطار.

ويؤكد عيديد ان نسج الخيام حرفة خاصة بالنساء فقديما كانت المرأة تدعو صديقاتها وجاراتها لنسج الخيمة، اما الان فقد اصبحت حرفة مقتصرة على الصانعات التقليديات، ويصل سعر الخيمة المصنوعة من وبر الابل وشعر الماعز حسب الجودة، ما بين 10 و20 الف درهم.

ويختم عبيد حديثه قائلا: «هناك رغبة لدى الناس في التخلص من ضجيج المدينة والذهاب الى العيش وسط هدوء الصحراء ولو لايام داخل خيمة».

العيون: لطيفة العروسني
الشرق الاوسط
www.aawsat.com
 

 

 

 


    
جميع الحقوق محفوظة 2006-2024 © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية